لقد انتشل الإسلام المرأة من كافة أنواع الإذلال التي تعرضت لها في الجاهلية؛ فأول ما رسخه هو أن وضعها في المساواة الإنسانية الكريمة، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما النساء شقائق الرجال، ثم بعد ذلك وضعها في التكليف مع الرجل سواء بسواء، يقول سبحانه وتعالى َمنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، ثم جعلها مع الرجل في الجزاء سواء، يقول تعالى َاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ.
وهي أم، وضع الإسلام المرأة في مكان عزيز وسط أسرتها تسبق بيه الأب؛ فعن أبي هريرة رضي الله قال: جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي قال: أمك قال: ثم من قال: أمك قال ثم من قال: أمك قال ثم من قال: أبوك.
وهي زوجة، نشاهد أيضا مظاهر تكريمها. فعن عائشة رضي الله عنها أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله، وعن أبي أُمامة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة إن أمرها اطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله. ويقول صلى الله عليه وسلم الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة.
وإذا تأملنا آيات القرآن الكريم نجد أن القرآن وصفها بأنها جزء من النفس، يقول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، ويقول أيضًا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، ويقول عز من قائل: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا.
ما أجمل هذا التكريم وما أرفعه، لقد سمى بالمرأة وساواها بالرجل بل أنه في بعض الأحيان رفعها فوق الرجل يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما جاءه رجل يسأله يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي قال: أمك قال: ثم من قال: أمك قال ثم من قال: أمك قال ثم من قال: أبوك
وبعد أن شاهدنا مواضع التكريم وتفضيل المرأة في الإسلام ورفع منزلتها وشأنها عن ما كانت عليه في اليهودية والنصرانية والجاهلية قبل بزوغ شمس الإسلام، نحاول الآن أن نرد على إحدى الشبهات التي أثارها الغرب ضد الإسلام، وهي قضية عمل المرأة.
فالإسلام لم يأمر المرأة ولم يطلب منها الخروج إلى العمل من أجل الكسب المادي، فهذا دور الرجل، ويتضح ذلك في قوله تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لكنه في نفس الوقت لم ينهها عن العمل، فهو مباح لكن بشروط.
وقد تتطلب الضرورة خروج المرأة إلى ميدان العمل، ومن ثم ينبغي على كل مؤمنة تؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيًا أن تتقيد بأحكام الشرع حتى يكون خروجها للعمل خروجًا شرعيًا تثاب عليه، يقول الله سبحانه وتعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ.